العراق بين فرهود وابو فرهود …..!!

سعد الأوسي

 

يتوهم البعض ان الثروة العراقية التي يسرقها لصوص السياسة هي ملايين بل مليارات الدولارات التي يقنصونها من الميزانية العامة بالعقود والعمولات والمشاريع الوهمية، او التي يبتزونها بالرشى و الإتاوات والسرقات، والحقيقة ان ثروات العراق الفعلية لا تنحصر ابدا بمدخولاته من ناتجه القومي الحالي العام المتحصل من تصدير النفط وباقي الموارد الداخلية كالضرائب والرسوم ومبيعات المشتقات النفطية المحلية التي تقدر بحوالي مليون برميل ولاتقل عوائدها عن 60 مليون دولار يومياً فحسب، بل ان هنالك ثروات اخرى متراكمة تتمثل في الموجودات الثابتة للدولة من ذهب ومعادن ثمينة وعقارات واملاك ومقتنيات وآثار ومنشآت ومصانع ومحطات كهرباء وموجودات ثابتة تجمعت عبر عشرات السنين من عمر الدولة وجرى اقتناؤها او بناؤها او شراؤها حسب الحاجة اليها من الدخل العام، وتعدّ ملكية عامة متوارثة عبر الاجيال لا يجوز لاية حكومة او سلطة التصرف او المساس او التلاعب بها الا لظروف ضرورية قاهرة يكون فيها التفريط بهذه الممتلكات او الثروات العامة حلّاً أخيراً لحفظ البلد وضمان امنه ووحدته او لدفع غائلة او كارثة او مجاعة عن الشعب، بل وحتى في هذه الحالة يجب ان تخضع مثل هذه القرارات الى كثير من التأني والمنطق والحكمة والتدبير والتقتير، كون تلك الثروات والملكيات العامة تمثّل حقوقاً جمعية لكل ابناء الشعب في الوقت الحاضر ،ومستقبليّة للابناء والاحفاد من الاجيال القادمة. الا ان الزمن المسخ الفاسد الذي انتجه الاحتلال الامريكي البغيض للعراق، والسلطات الفاسدة التي تولدت وتوالت على ادارة البلد منذ 2003 حتى الآن والمصنّفة كأسوأ فترة حكم وافسد طبقة سياسية مرّت في التاريخ العراقي القديم والوسيط والمعاصر ، لم تدع موضعاً او مفصلاً في شؤونه ومقدّراته وبناه الا و عاثت به فساداً و خرّبته ونهبته ودمرته، بلا ادنى وازع من ضمير او اخلاق او شرف او حتى رحمة، وبالتأكيد دون اي حس او انتماء وطني. متمثّلاً في احتفال النهب والفرهود العظيم الذي عصف بالبلاد والعباد واوصلهما الى الافلاس التام على الرغم من غناه بثروات وموارد هائلة كان حرّيا بها ان تجعله في مصاف وتنافس دول متقدمة كثيرة.
حيث لم يدع ضباع السياسة موضعا في جسد الوطن الجريح الا نهشوه وشربوا دمه ولحسوا عظمه، ولايكاد يخلو يوم منذ 18 سنة حتى الآن من خبر سرقة او نهب او رشوة او صفقة كاذبة، حدّ ان تحولت هذه الاخبار المكرورة الى روتين يومي ممل لا يعيره المواطن اهتماما بسبب كثرته وشيوعه وصلف مرتكبيه وعجز جهات الحساب والرقابة والقضاء عن رصده ومحاسبته وعقابه !!!!.
وكان من الطبيعي في احتفال النهب والفرهود المنفلت هذا ان ينتقل لصوص السياسة بعد ابتلاعهم للميزانيات المليارية الهائلة الى خزين الثروة المتراكم في الدولة من الاجيال السابقة واهمه العقارات الحكومية في الداخل والخارج والتي تقدّر بعشرات مليارات الدولارات والآثار والمقتنيات الثمينة التي هرّبت وبيعت امام انظار العالم كله والمنشآت الصناعية الكبرى التي فكّك بعضها ونقل الى (الشقيقة) الكبرى ايران ومنها على سبيل المثال مصفى نفط بيجي رحمه الله.
ولا ادري حتى الان كيف استدل ضباع السياسة هؤلاء على التفاصيل الدقيقة لثروات وممتلكات وعقارات الدولة بهذه الدقة بحيث لم يتركوا منها شاردة او واردة، على الرغم من انّ بعضاً غير قليل منها مختبئ في زوايا النسيان ويصعب الاهتداء اليه.
وكي لا اكون شيطانا اخرس بالسكوت عن الحق والعياذ بالله ، وحتى لا تضيع حقوق شعبي باجياله الحالية واجياله القادمة في ثروات الوطن وخيراته، ولاني احب العراق حقّاً وصدقاً ولا استطيع ان اصمت على ان تتعاور افواه الضباع العفنة لحمه الزكي الطاهر نهشاً وتقطيعاً، لذلك قررت ان افتح هذه الملفات الخطيرة ، واعني بها سرقات عقارات واملاك الدولة المعلومة منها والمجهولة، وافضح لصوصها بالاسماء والعناوين والوقائع والوثائق، ومن يقف وراءهم ومن يحميهم ويغطي على سرقاتهم كائناً من يكون مهما بلغت سطوته وقوته وقدرته، ولو كان في ذلك هدر دمي او نهاية حياتي، اذ لم يعد في الحال المزري الذي نعيشه من متسع لصبر او أمل بعد ان بلغ السكين العظم وضاع الماضي والحاضر والمستقبل، واستسلم الناس من فرط اليأس والاحباط والفقر والمرض والفوضى والخراب.
الوطن على حافة الهاوية بل ربما انزلقت احدى رجليه فيها والأخرى تتأرجح للسقوط. ونحن باصواتنا المبحوحة وهممنا العاجزة عن نصرته والدفاع عنه نتحمل مسؤولية عظيمة امام التاريخ، وستنظر لنا الاجيال القادمة بازدراء واستخفاف واستصغار لاننا كنا اضعف واجبن من ان ندافع عنه وعن مستقبلهم فيه، وتركناه للذئاب والضباع تنهش كل شئ فيه .
وانني اذ اضع مقالي هذا وما سيلحقه من كشف وفضح واتهام لعمليات سرقة كبيرة ربما يمكن تداركها واستعادة حقوق الوطن فيها، امام انظار السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي رفع شعار الاصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة اللصوص والفاسدين، اطلب منه باسم الوطن والشعب اللذين اقسم امام الله ان يحفظهما ويرعى مصالحهما، باتخاذ اجراءات حقيقية حاسمة معلنة بشفافية امام الجميع وضربٍ بيدٍ من حديد كي لايصبح مثل سابقيه الذين قالوا ولم يفعلوا ووعدوا ولم يفوا واقسموا ثم خانوا حين كذبوا وداهنوا وسوّفوا وماطلوا ثم مضوا غير مأسوف عليهم لا اعادهم الله ولا وفّقهم.
اعدكم بسلسلة مقالات اتناول فيها تلك السرقات الكبرى واحدة تلو الأخرى ، وسأبدأ باملاك وعقارات الدولة في الخارج وصولا الى املاك وعقارات الداخل، لان عقارات الخارج اوجب واعجل في التنبيه والمعالجة كي لاتضيع الى الابد في ظل قوانين الدول التي تضمها، بينما عقارات واملاك الداخل باقية تحت النظر ورهن يد الشعب ويمكنه ان يستردها في اية لحظة، خاصة عندما يكون له برلمان شريف وحكومة نزيهة قوية تضع في اولى مهامها ضرب اللصوص والفاسدين واستعادة الاملاك المنهوبة حتى ولو كانت في بطن حوت.

انتظروا ….. الحلقة الاولى من سلسلة هذه المقالات، حيث سأكشف فيها بالوثائق عملية سرقة العقارات العراقية الثمينة في قلب العاصمة الفرنسية باريس والتي تقدر بمئات ملايين الدولارات.
والبقية تأتي تباعا ان شاء الله.

(( وين يروح المطلوب النه )) ….؟!