تسريب المالكي.. الرواية الحقيقية!

عزت الشابندر

 

قصة تسريب المالكي، أبعد من تسريب؛ ولا يمكن تحليله كحدث منفرد فهو جزء من رواية طويلة ممتدة لاكثر من ١٣ عام، لكن حدث اليوم يطرح سؤالين حول التوقيت ومن المستفيد؟
لكل قصة ثلاث روايات، رواية الطرف الأول ورواية الطرف الثاني والرواية الحقيقية. وحتى لا نطيل ونشتت المتابع. ثمة محطتين رئيسيتين في علاقة المالكي والصدر ، الاولى تعود إلى مواجهة الجيش العراقي وسرايا السلام في عام ٢٠٠٨ والمحطة الاخرى محاولة تزوير الانتخابات برعاية أجهزة استخبارات في ٢٠١٨ للحيلولة دون وصول المالكي لمنصب رئيس الوزراء.
هناك اختلاف كبير حول شخصية المالكي وسلوكه السياسي، لكن هذا الاختلاف لا يمكن أن يكون حول قدرة المالكي ووصفه بأنه رجل دولة وسياسي بارع.
وبالرجوع إلى التسريب المزعوم المتداول حيث تظهر بشكل جلي بصمة أجهزة الاستخبارات من جديد وبقوة هذه المرة، والسؤال الأهم هنا، هل تعلم أجهزة الحكومة العراقية بأن هناك مواقع (فلل) في الحارثية والجادرية هي مقرات لخلايا عملياتية مخابراتية تدير العراق وأزماته بشكل احترافي، وتوجه الأزمات بطريقة تشغل الشارع العراقي حكومة ومؤسسات وشعب، بعيدا عن الخطر الأكبر وهو تفتيت العراق وتقسيمه! حتى وإن كانت هناك أصوات رسمية تنفي ذلك.
المالكي اليوم أقرب للقيادة من أي شخص، وهناك مؤشرات واضحة وصريحة تدلل على ذلك؛ بداية من انخراطه في اجتماعات طهران – الرياض التي احتضنتها بغداد، إضافة اتصاله المباشر والوثيق بقيادات المنطقة التي تبحث عن كثب في قضايا العراق الداخلية والخارجية، والسبب أن محاولات البحث عن شخصية سياسية تخرج العراق من حالة الانسداد السياسي باءت بالفشل، فلا بد من الرجوع للقواعد السياسية الشعبية الاصيلة الوازنة، والابتعاد عن الفوضى ومشغليها. فدول الخليج اليوم لم تعد تريد شخصيات هلامية تتعامل معها، تريد مؤسسات تنقذ العراق من التقسيم، وتحافظ على جغرافيته.
المعلومات الأولية المتوفرة لدينا تفيد بأن التسريب تم هندسته عن طريق تقنية (ديب فيك Deep Fake)، فيمكن لبرنامج بسيط من خلال ١٠ صور وفيديو مدته ٥ دقائق ومقطع صوتي مدته ٤ دقائق انتاج فيديو أو تسجيل جديد بأي محتوى تريد، هذا إن تحدثنا عن قدرات عادية قوامها برنامج حاسوبي ثمنه ٢٠٠ دولار، فكيف إذ كانت التقنية مملوكة لمجموعة لديها قدرة الوصول إلى تقنيات استخباراتية وعسكرية متقدمة.
الفلل المذكورة لديها قدرات انترنت فضائي وأجهزة مضادة للتجسس ومعدات اتصال عسكرية، وطائرات دون طيار للتجسس والهجوم، ويتردد على هذه المواقع شخصيات سياسية وأمنية رفيعة المستوى تعمل أجندتها على إغراق البلد في الفوضى والاقتتال المذهبي؛ فهذا جواب السؤال حول من المستفيد؟
لا بد من الإشارة أن هذه المواقع الاستخباراتية وغيرها سابقا نجحت في خلق وحش داعش الدموي، ونجحت أيضا في صياغة مشروع الاقتتال الشيعي -الشيعي فهل تنجح في تطبيق المشروع بعد صياغته؟ فالتوقيت اليوم أكثر ملاءمة لاطلاق شرارة بين خصمين سياسين من العيار الثقيل يقودان التيار الشيعي
التسريب المزعوم جزء بسيط من مخطط دموي كبير، فعلى الشرفاء من العراقيين الالتفات إلى مهندسي مشروع تقسيم العراق والخروج من دوامة الفراغ والتسريبات المفبركة، والبدء في انقاذ العراق.