السعودية تشن هجوماً إعلامياً على قاسم الأعرجي، وجريدة (الشرق الأوسط) تصفه ب (عميل إيران) !

فالح حسون الدراجي

إفتتاحية جريدة الحقيقة

شن الإعلام السعودي حملة إعلامية صادمة على (النظام العراقي) لرفضه إعتبار تنظيم (إخوان المسلمين) في العراق تنظيماً إرهابياً، ولعل الغريب في الامر أن تركز بعض وسائل الإعلام السعودية،وصحفها، وكتاب أعمدتها  في هجومهم بشأن القرار العراقي الرافض، على مستشار الامن الوطني العراقي، قاسم الاعرجي !

وهنا نشير الى نقطتين مهمتين، الاولى أن العراق بلد حر، مستقل، له سيادة، وقرار، وحكومة مسؤولة عن تقرير وتنفيذ ما يخدم مصالحه، وليس مصالح غيره.

وإذا كان العراق جزءاً من المنظومة العربية، وعضواً مهماً في (جامعة) العرب، وركناً قوياً من أركان الوطن العربي، فهو في ذات الوقت حر فيما يراه، ويقرره، وليس بالضرورة ان تتطابق قراراته تطابقاً تاماً مع آراء وقرارات أشقائه في مصر والسعودية والامارات والبحرين وغيرها من الدول العربية، لذا فإن لمصر الحق مثلاً في ان ترى تنظيم (الإخوان) إرهابياً، وكذلك الرياض والمنامة وأبو ظبي والرباط، ولكن في المقابل، فإن لبغداد والخرطوم وتونس وبيروت وغيرها من العواصم العربية، الحق أيضاً في أن ترى تنظيم أخوان المسلمين غير إرهابي، فقد  يختلف (إخوان) مصر عن (إخوان) العراق، و(أخوان) الأردن او غزة، عن (إخوان) الكويت، وهكذا الآخرون ايضاً !

فكيف تسمح هذه الدولة العربية، أو تلك لنفسها أن تفرض على العراق، رؤيتها الفكرية او أجندتها السياسية،

فتقوم دولة، كالشقيقة السعودية بحملة ظالمة على (النظام العراقي) لمجرد أن بغداد مارست حقها في إتخاذ ما تراه مناسباً من قرارات تراعي خصوصيتها وتضاريسها الثقافية والسياسية والامنية أيضاً!

وإذا كنا نستغرب من حملة المملكة السعودية غير المبررة، على القرار  الرسمي العراقي، فإن الأشد غرابة ان تركز الصحف السعودية، كصحيفة (الشرق الأوسط) في حملتها هذه، على شخص المستشار القومي العراقي قاسم الأعرجي، لا لسبب، ألاً لأن القرار العراقي الحكومي الرافض تقييم تنظيم (إخوان المسلمين) في العراق، تنظيماً إرهابياً، قد صدر بتوقيع السيد الأعرجي، بإعتباره المستشار الأمني القومي في العراق، وليس لسبب آخر، رغم ان القرار الصادر بهذا الشأن هو قرار حكومي رسمي سيادي، لا يعني أي حكومة أو  دولة أخرى غير حكومة ودولة العراق وحدها.

وعلى سبيل المثال فإن (الكاتب الخاص) لولي العهد السعودي،  (مشاري الذايدي)، كتب مقالة في الصفحة الأخيرة لجريدة الشرق الأوسط اليوم الإثنين، يشن فيها هجوماً لاذعاً على السيد الأعرجي، يتهمه فيها بالعمالة لإيران والسيد الخميني، والحرس الثوري الإيراني، وغير ذلك من التهم الغريبة والمضحكة.

ولعل وجه الغرابة فيها يتضح عبر إتهام الأعرجي بالطائفية، والعمالة لإيران، رغم أن تنظيم الإخوان، هو تنظيم سني محض، له طروحات، ومعتقدات وتوجهات طائفية ضيقة، ولو ذهبنا لمراجعة متبنيات مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، ومؤلفات منظرها سيد قطب، لوجدنا فيها حجم العداء والبغض  للطائفة الشيعية، ناهيك عن أن أغلب المنظمات الإرهابية والدموية المعاصرة هي إمتداد لفكر جماعة الإخوان ورؤى مؤسسها البنا، فما علاقة إيران والخميني والحرس الثوري بالإخوان المسلمين، إذا كان تنظيم الإخوان قد ولد في مصر قبل إن يأتي الخميني الى هذه الدنيا ؟!

هدا من جهة إيران والإخوان، أما من جهة الأعرجي-وهو الأمر الأكثر غرابة

ودهشة -فإن الرجل – وكما يتهمه الجمهور الموالي لإيران – بأنه (سعودي)، و(عميل) للرياض، وبإمكان أي قارئ ان يبحث الان في السوشل ميديا، ليجد العشرات من هذه التهم في صفحات الفيس بوك التابعة لمدونين، بعضهم كانوا رفاق سلاح وأصدقاء للأعرجي نفسه!

إن مقالة (مشاري) المزدحمة بالتهم الظالمة، والإفتراضات الغبية، تثير  الإشمئزاز في نفسي فعلاً، وكذلك الإحتقار لهذ التفكير المتدني الذي وصل اليه الإعلام العربي المتخلف، بل والعقل العربي عموماً، وإلاً كيف تمكن هذا (المشاري) من الإنحدار الى هذا المستنقع الطائفي، فيتهم مسؤولاً قام بتنفيذ سياسة حكومته وبلاده المستقلة لا غير، وأصدر قراراً عراقياً صميمياً، دون ان يعرف هذا الكاتب حقيقة، وواقع، ووطنية، وإنسانية الاعرجي، فيتهمه بالعمالة لإيران دفعة واحدة، بينما كان آخرون قبله، قد إتهموا الأعرجي نفسه بالعمالة للسعودية، لأنه إصطحب السفير السعودي حين كان الاعرجي وزيراً للداخلية، بجولة راجلة الى معرض بغداد الدولي !

إن الصحف السعودية لا تعلم حتماً ما قاله وزير الدفاع الأسبق، عرفان الحيالي -وهو مناضل وطني معروف من المكون السني – وأعلن بقوله:

” والله لو رشح السيد قاسم الاعرجي عن أبناء السنة فقط، لحصل على أصوات أكثر من الأصوات التي يحصل عليها أي مرشح سني، على الرغم من إن الأعرجي فاز مرات عدة بعضوية البرلمان العراقي نائباً عن المناطق الشيعية بأعلى الأصوات في محافظة واسط، حيث يترشح عن دوائرها الانتخابية دائماً !

واليوم، ونحن إذ ننشر مقالة الكاتب السعودي مشاري الذايدي، إلاً ليرى العراقيون كيف يتدخل الإعلام العربي في الشأن العراقي، بحيث وصل هذا التدخل الى حد الإنتقاص من سيادة الدولة العراقية الكريمة، والى مستوى الطعن الشخصي، والإتهام والتشهير بشخصيات عراقية وطنية مسؤولة مثل السيد الأعرجي.

كما نريد ان ملفت أيضاً إنتباه الإعلام العراقي، ليقف بقوة امام مسؤولياته الوطنية والمهنية والأخلاقية، ويقوم بواجبه في التصدي للحملة السعودية الوهابية الظالمة، ليدافع عن العراق بشعبه، وأرضه، ورموزه، وكيانه، وحكومته، وقراره الوطني الحر .

المقال كما نشر في جريدة ( الشرق الاوسط) السعودية :

لماذا رفض العراق تصنيف «الإخوان»؟

الاثنين – 9 شهر ربيع الأول 1442 هـ – 26 أكتوبر – تشرين 2020

مشاري الذايدي

صحافي وكاتب سعودي

بتوقيع مستشار الأمن الوطني العراقي، قاسم الأعرجي، رفضت السلطات العراقية، في بيان منشور، الموافقة على «إدراج» جماعة «الإخوان المسلمين»، ضمن الجماعات الإرهابية، حسب قرار مقتَرَح من الجامعة العربية، وحرص البيان العراقي على تأكيد أن هذا القرار كان بتوصية مصرية.

الأعرجي، وإن كان القرار صادراً عن «مؤسسة» الأمن الوطني، لا يجوز إغفال هويته السياسية الفكرية؛ فهو قيادي بمنظمة بدر العراقية الموالية لإيران، درس مع المهندس والعامري، في إيران، بكنف «الحرس الثوري».

لماذا يدافع الموالون للفكر الخميني في العراق عن جماعة «الإخوان المسلمين»؟

من الساذج القول إن هذا يبرهن على النزعة «اللاطائفية» لدى أمثال الأعرجي أو «فيلق بدر» أو «الحشد الشعبي» (الأعرجي من أكبر المدافعين عنه). هذا كلام للترويج الإعلامي «البدائي». الحق أن هذا الدفاع من الإسلاميين الشيعة؛ أتباع «حزب الدعوة» و«فيلق بدر» و«حزب الله»، هو دفاع عن الذات الشيعية المتأسلمة الخمينية نفسها!

الأمين العام الحالي للحزب الإسلامي العراقي (إخوان)، وهو رشيد العزاوي، صديق للنظام الخميني، إن لم يكن تابعاً له، كما أن قادة الإسلاميين «الإخوان» بالعراق راهناً، من أبرز المنافحين عن النظام الخميني، أمثال رئيس الوقف السني عبد اللطيف هميّم، وخطيب جامع أم الطبول، مهدي الصميدعي، ناهيك بجملة من قيادات الحزب الإخواني وبعض النواب والوزراء.

«إخوان» العراق حالياً بين موالٍ لتركيا الإردوغانية، بمساعدة وتمويل قطريين، وموالٍ لإيران الخمينية، ولا فرق، في التحليل الأخير، بين النظامين الإردوغاني والخميني، وهما أصلاً في هذه الفترة، في تحالف وثيق وتخادم عميق.

العلاقات قديمة بين إسلاميي إيران و«الإخوان»، من أيام «نواب صفوي» وسيد قطب و«إخوان» سوريا، لوصول الخمينية للسلطة في إيران… مروراً بحرب العراق وإيران عبوراً بما عُرف بالربيع العربي… لليوم.

يوسف ندا مفوّض العلاقات الدولية الإخوانية، كان على متن ثالث طائرة تصل إلى طهران، مع وفد من إخوانه لتهنئة الخميني شخصياً.

مرشد «الإخوان» السابق، مهدي عاكف، معلقاً على كشف السلطات المصرية لخلية «حزب الله» قال: «من حق مصر أن تشكر (حزب الله)، لا أن تحقق معه».

فتحي يكن القيادي والمنظّر الإخواني اللبناني قال في كتابه، «المتغيرات الدولية»، وهو يشرح فكر الجماعة: «تنحصر المدارس التي تتلقى منها الصحوة الإسلامية عقيدتها وعلمها ومفاهيمها في ثلاث مدارس… مدرسة حسن البنا ومدرسة سيد قطب ومدرسة الإمام الخميني».

يوسف العظم، أو «شاعر الأقصى»، كما هو لقبه، وهو إخواني أردني، نجد له هذه القصيدة التمجيدية في الخميني:

بالخميني زعيماً وإمــام هدّ صرح الظلم لا يخشى الحمام

قد منحناه وشاحاً ووسـام من دمانا ومضيـنا للأمــــام

حين نشبت الحرب العراقية – الإيرانية، كان موقف «الإخوان» مع إيران ضد العراق، وفي بيان لهم قديم شرحوا هدف العراق من الحرب؛ فكان من شرحهم هذه الجملة:

«ضرب الحركة الإسلامية وإطفاء شعلة التحرير الإسلامية التي انبعثت من إيران».

كلهم ملة واحدة!

 

    علق هنا