في قصة مؤثرة ومعبرة ورائعة فيها دروس وعبر وحكم وعقيدة يرويها الشيخ سامي المسعودي….!

بقلم وعدسة
الشيـخ سامي المسعودي
اشتد المرض بالحاج ابومهدي (رحمه الله) بسبب ضغط المعارك وقلة النوم ، حتى ما عاد يقوى على الوقوف ، فسارعت باحضار الطبيب الذي قام بمعالجته وأمره بأخذ قسطا من الراحة، فألتقطت له صورة وهو في فراش المرض وأريته اياها ممازحا له قائلا: “سارسلها الى ام مهدي” فتبسم الحاج بوجهي وخلد للنوم بفعل الادوية المهدئة.

كنا حينئذ في مناطق غرب الموصل لادارة عمليات واسعة وحساسة تحت الاشراف المباشر للحاج ابو مهدي (رحمه الله) ، الذي ناولني جهاز الارسال الخاص به لادارة العمليات بمختلف القطعات، وكانت النداءات المتوالية من شتى الميادين لايصال مواقف المعارك واخذ التعليمات للتحرك. حتى صدح من الجهاز نداء بصوت جهور : ” سبعة واحد اجب “. وهذه كانت شفرة جهاز الحاج ابومهدي الخاص، فرردت على النداء: “سبعه واحد من المنادي” . فقال “انا تسعة واحد”، علمت انه الحاج ابوالاء (والذي لم يعرفني في وقتها) ، فقلت: “من سبعة واحد الى تسعة واحد تفضل عزيزي” وهي كلمة كان يستخدمها الحاج ابو مهدي بشكل متكرر. فرد النداء قائلا : “سبعه واحد، حاج احنه المفروض اليوم ندخل منطقة ٢٢ شنو تامر؟؟”. حيث كانت تحدد مناطق العمليات بارقام لغرض منع العدو من التعرف على حركات قطعاتنا عند اختراق اجهزة الاتصالات فأجبته بالنداء: “سبعة واحد عزيزي ان شاء النصر حليفكم” بعد ان انهيت النداء، عدت للاطمئنان والمكوث الى جوار الحاج ابومهدي الذي كان مستلقيا وجهاز الاعطاء (المغذي) مربوطا بيده واضعا يده على راسه يشكو من ارتفاع ضغط الدم، حتى استقر الله الحمد بعد حين بفعل الادوية بفارق درجة واحدة. امسكت يده الكريمة وقلت له: “حاج عندك العافية ان شاء الله”، فنظر الي وقال: “شيخي شنو الاخبار هل اتصل احد او ناداك احد على بقلم وعدسة 66 الجهاز؟” فأجبته مباشرة: “حجي هواي اتصلوا .. وابرزهم مسؤول الدعم اللجوستي وابوالمدفعية ومسؤول الاتصالات” ، ثم قال بسؤال يطلب التأكيد: “وبعد ماكو أحد؟” فأجبته :”نعم تذكرت الاخ ابوالاء ناداك قال لي حاج هل نتقدم ام لا ؟” فنظر لي ابومهدي بفزع وقال: “ماذا اجبتهم” فقلت له: “توكل على الله”. فقامت قيامته وهو مستلقي على الفراش ، ونهض فازعا كانه غزال في غابة .. وحاولت ابقائه في سريره لنيل قسط من الراح وسألته: “حاج أين تذهب؟ وانت مريض” فرد علي قائلا: “شيخي الله يغفرلك اشتد المرض بالحاج ابومهدي (رحمه الله) بسبب ضغط المعارك وقلة النوم ، حتى ما عاد يقوى على الوقوف ، فسارعت باحضار الطبيب الذي قام بمعالجته وأمره بأخذ قسطا من الراحة، فألتقطت له صورة وهو في فراش المرض وأريته اياها ممازحا له قائلا: “سارسلها الى ام مهدي” فتبسم الحاج بوجهي وخلد للنوم بفعل الادوية المهدئة. . انت منطي امر بالمعركة وتريديني ارتاح!! ، بدل خوية خلي نروح الهم هاي معركة كله من وراك انطيت النداء”. توغلنا في ارض المعركة وجسده يتصبب عرقا اثر حرارته المرتفعة، وما ترك موقعه حتى نلنا النصر. وبعد زوال غبار القتال جاء امر اللواء الذي يعمل تحت أمرة الحاج ابو الاء فقال له: “حاج تدري لو مأخرين المعركة لباجر كان ما كدرنه بسبب الامطار والمنطقة ترابية جان صارت طينه وما كنا استطعنا التقدم شبراً واحدا ” فتبسم الحاج (الذي لم يلحظ وقوفي خلفه) وقال بصوت خافت: “لاتبلغ الشيخ 99 المسعودي حتى لايشمت بيه” فما كان مني الا ان اضع يدي على كتفه قائلا له : “حاج تشكك بقيادتي؟” فرد علي متبسما :” شيخلصنه منك احسن وشفيت بالكامل ولله الحمد”. اليوم ” وبعدها قال :” ابشرك خوية ببركة المعركة حسيت نفسي احسن وشفيت بالكامل ولله الحمد ” .