من سرق سيگار صدام حسين !!؟؟

 

سعد الأوسي

من حسن حظي المهني كصحفي دؤوب آلى على نفسه دائما ان يلاحق المعلومة والخبر ولو كان في الصين ويحفر بئر الاحداث بابرة من اجل الوصول الى الحقيقة الدقيقة ثم ايصالها للناس طازجة شهية خاليةً من البهارات والمطيبات و (الكلاوات) والفبركات والاكاذيب، وربما من تدبيرات القدر الخفية انه وضع واحدا من اقرب اصدقائي واحبهم الى قلبي في منصب رفيع بالمحكمة العليا التي تولت محاكمة صدام حسين واركان نظامه، منصبٍ يتيح له ان يرى كل شئ يجري فيها سواءً في علانيتها التي ظهرت للناس على شاشات الفضائيات ووسائل الاعلام الاخرى او في خباياها التي لم يطلع عليها الا قلة قليلة جدا، كنت انا واحد منهم بفضل اخي وصاحبي هذا الذي لم يدخر وسيلة وجهداً كي يجعلني ارى واسمع بعينيّ واذنيّ كل ماكان يدور بعد ان اخفاني عن الجميع بزي شرطي من قوّة حماية المحكمة دون ان يفطن الي احد. وفي ذاكرتي خزين قصص واحداث ومواقف جرت اثناء المحاكمة وقبلها وبعدها، لم تكشف اسرارها ووقائعها حتى الان، وانا بصدد تسطيرها في كتاب سأنشره قريباً عنها واتوقع له ان يحدث دويّا كبيراً في داخل العراق وخارجه بسبب معلومات ومشاهدات ووقائع حدثت حينها وجرى التكتم عليها واحاطتها باقصى درجات السرية بامر الامريكان وامتثال الحكومة العراقية المغلوبة على امرها في ذلك الوقت . واتوقع ان بعضها سوف يفاجئ العالم كله ويحسم شكوكا وجدالات طالت وتخمينات وتحليلات طالما ضلّت طريق الصواب.
وقد حضرت ثمانية واربعين جلسةً من جلسات محاكمة صدام حسين ورموز نظامه منذ محكمة التحقيق حتى المحاكمات الجنائية التي انتهت بالحكم عليه بالاعدام شنقاً، رغم طلبه الصريح بوجوب اعدامه رمياً بالرصاص كونه القائد العام للقوات المسلحة، وهو الطلب الذي تجاهلته المحكمة ولم تستجب له بل لم تعلق عليه.
وربما يجب الاشارة هنا الى ان اغلب ماقيل عن زيارات ومقابلات قام بها بعض السياسيين لصدام حسين وادعائهم بأنهم وبخوه واهانوه عارِ عن الصحة جملةً وتفصيلاً، وان صدام حسين كان محبوساً لدى الامريكان وباشرافهم الحصري المباشر وان جميع السلطات العراقية تشريعية وتنفيذية وقضائية لم تكن تستطيع فعل اي شئ في صدده، و غير مسموح لهم مقابلته والحديث معه الا بامر الامريكان و بعد استحصال موافقة صدام حسين شخصياً على المقابلة. وان السلطة العراقية لم تستلمه من الامريكان الا 27 دقيقة فقط قبل اعدامه، حيث جاء به الامريكان بطائرة سمتية حطت في مبنى مديرية الاستخبارات السابقة (الشعبة الخامسة) بمدينة الكاظمية وهي دائرة الحماية القصوى ، وسلموه الى السلطات العراقية قبل تنفيذ الاعدام بحوالي نصف ساعة فقط.
وقد كان السيد جعفر الموسوي مدعي عام المحكمة الجنائية العليا يتردد على زيارة صدام حسين في معتقله بين الحين والاخر لاسباب شتى ، اكاد اجزم ان بعض تلك الزيارات كانت بدافع شخصي لرؤية صدام حسين عن كثب ومحاولة استكناه اسرار شخصيته الغريبة الصلبة وقلبه الميت الذي لم يتأثر بفداحة ماحصل له و لابنائه وسلطانه المتهاوي على حين فجأة لم تكن بالحسبان.
وقد روى لي المدعي العام جعفر الموسوي ذات مرة حين زرته في بيته بالمنطقة الخضراء انه لاحظ في احدى زياراته لصدام حسين وجود صندوق سيكار فاخر في خزانة ملابسه، من نوع هافانا الغالي الذي كان صدام يفضّله،
فقال له مستغرباً : هاي شنوووو سيگار كوبي
فأجابه صدام : اي سيگار كوبي ، ليش ؟
جيبلنا اثنين خل نشرب
يقول الموسوي انه تناول سيكارين من الصندوق الخشبي اللامع، وقدّم واحدةً لصدام واحتفظ بالأخرى لنفسه على سبيل الذكرى !!!
وفي هذا الوقت من الحديث قام السيد جعفر الموسوي الى خزانة كتبه الخشبية واخرج من احد ادراجها بحرص سيكار صدام حسين الذي احتفظ به بعناية ليريني اياه، فأخذته منه بحجة تصويره، لكنني قررت في تلك اللحظة ان لا اعيده اليه وان احتفظ به واضيفه الى مقتنياتي (الانتيك) المتحفية الاخرى،
فقلت للموسوي : والعباس مايرجع ، تمت مصادرته
فضحك الرجل وتنازل لي عنه
وقد ظل عندي محفوظا محروزاً لسنوات لكنه سرق مني بعد اضطراري لمغادرة العراق واغترابي لسنوات طويلة
ولم اعرف حتى الان من سرق منّي سيگار صدام حسين، وهل كان يعرف قيمته الاثرية ام انه ظنّه مجرد سيكار فاخر ، وربما دخّنه وهدره !!؟؟؟
وقد تاكدت بعد هذا الحادث انّ ما يؤخذ خمطا يُفقدُ سرقةً بكل تأكيد
لذلك احببت ان ابشّر فاسدي الطبقة السياسية ورجال الاعمال النهيبية في العراق: ان كل ماسرقوه مهما عظمت قيمته سيذهب هباءً منثورا كأنه لم يكن بالامس ، وان موعدهم الافلاس والخزي والعار وربما السجن او قطع الاعناق جزاءً وفاقاً بما كسبت ايديهم وما كانوا يفسدون
احترگ ابو اللي باگ السيگار مني وعساها بحظه وبخته هو وجميع اللصوص امثاله خاصة الاخوة السياسيين حرقهم الله واشقاهم في الدنيا والاخرة.
اللهم آمين يارب العالمين….!!